تخطى إلى المحتوى

صحفيات يمنيات فضلن البقاء في المنزل في زمن الحرب

 حفصة عوبل:

“عاشقة لمهنتي التي أقسمت ألا أتركها إلا بعد مغادرة الروح للجسد”؛ بإخلاص تحدثت الصحفية نادرة عبدالقدوس، عن حبها الكبير للصحافة، وعملها فيها، قبل أن تتابع بالقول: “تعلمت القرآن الكريم، وأحببت القراءة، وشاركت في الأنشطة الدراسية، وكنت مُحبة للشعر. أصدرت المجلات الحائطية التي كنت أشارك في تصميمها”.

بدأت نادرة عبدالقدوس عملها الصحفي بمؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر، عام 1974م، إذ كانت كباقي الفتيات والشباب الذين يبحثون عن أعمال تشغل أوقاتهم، وتساعدهم مادياً في ذلك الوقت.

وتقول: “من المعروف أننا في الجنوب كنا نمر بمرحلة التقشف والاعتماد على النفس، ساقتني قدماي ذات يوم إلى مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر، وقد عملت فيها مؤقتاً، إذ رأى سكرتير مدير الإنتاج محمد جازم، بعض خواطري وأشعاري، وأعجب بها، ونشر لي أول موضوع في شهر أغسطس 1974، كنت كاتبة صحفية (متطوعة)، وبعد كتاباتي المتكررة في الصحيفة أخذ عدد من الصحفيين الكبار بيدي، يقدمون كل دعم معنوي ومقترحات، فكنت أول صحفية تكتب في الصفحة الرياضية وفي التحقيق والاستطلاع”.

وتضيف: “اعتمدتني الصحيفة واحدة من صحفييها، فأوفدتنا إلى المشاركة في أول دورة تدريبية للصحفيين في فنون الصحافة، عبر وزارة الإعلام بعدن، خلال الفترة من نوفمبر 1974 حتى يناير 1975، فتعرفت على فنون الصحافة وقوانينها وأخلاقياتها، قبل دراستي التخصصية في كلية الصحافة في جامعة موسكو”.

عملت نادرة في عدة صحف ومؤسسات إعلامية، ونشر لها كثير من الكتابات في عدد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، منها “الشرق الأوسط، الجديدة، الاقتصادية، سيدتي، زهرة الخليج، شفاف الشرق الأوسط”، كما عملت مدرسة صحافة في معهد الإعلام للتدريب والتأهيل في وزارة الإعلام بعدن، من 1987 حتى 1991.

وماتزال نادرة تقدم كل ما ينفع مجتمعها، وتحت أي ظرف في السلم أو الحرب.

أما سعاد الصلاحي، فهي صحفية عملت في مهنة المتاعب منذ 8 أعوام، وتعمل حالياً مع “BBC World”.

وعملت سعاد على إعداد الكثير من القصص الإنسانية والأفلام الوثائقية، واهتمت بالقضايا الإنسانية بصورة رئيسية، ونقلت ما يعانيه الإنسان اليمني، خصوصاً في ظل الحرب المستمرة منذ 6 سنوات.

وخلال عملها الصحفي حصلت على 3 جوائز العام الماضي، ضمن فريق قناة BBC الناطقة باللغة الإنجليزية، مع زميل آخر، لتغطيتهما قصة حادث حافلة الأطفال الـ42، الذين قتلوا في غارة جوية للتحالف في أغسطس 2018، بمحافظة صعدة.

وجائزة “بايو كالفادوس” الفرنسية في أكتوبر، وجائزة “جرايسي” الأمريكية في مايو 2019، وجائزة “ماركو لوتشتا” الإيطالية. وقد ترشح نفس الفيلم إلى جائزة “الإيمي” الأمريكية، وهي الجائزة المقابلة للأوسكار.

 

الصحفيات بين الماضي والحاضر

تقول نادرة: مهنة الصحافة لا تمثل أو تشكل خطراً على من يمارسها، لعلها تأتي للبعض بالمتاعب والمشاكل، ذلك لأنها مهنة الصادقين والمؤمنين بأمانة الكلمة والرسالة الموجهة للمتلقي، غير ذلك، فإنها تكون مصدر رخاء ورغد العيش لمن يخون أمانة الكلمة وأخلاقيات المهنة، مضيفة أن الصحفية في زمنها كانت تحظى بالاحترام من قبل الجميع، ولا تتعرض للانتهاكات كما يحدث الآن.

وطالت الصحفيات اليمنيات انتهاكات مختلفة في ظل الحرب، تنوعت بدءاً بالإقصاء كما حدث لصحفيات وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، أو الضغط والإكراه على العمل بدافع الحاجة للراتب، وحفاظاً على الوظيفة العامة، وفق ما تقول سعاد.

فالإعلاميات اللاتي حاولن التعبير عن آرائهن طالتهن حملات تشهير وشتائم وتهديد ومضايقات، ما اضطرهن إلى لزوم الصمت، وأخريات رفضن الصمت، وهؤلاء تحولت حياتهن إلى حرب يومية كما هي حرب الأطراف في جبهات القتال.

وتعاني المرأة اليمنية من تهميش لا يخفى على أحد، سواء في فترة الأزمة أو قبلها، فالصحفية اليمنية في ظروفها الطبيعية تحارب كي توصل رسالتها ومسيرتها بكل مهنية في مجتمع ذكوري لا يخفي انتقاصه من المرأة في تلك الظروف، فكيف في ظل الحرب؟! تتساءل سعاد، مؤكدة أن هذا ما يزيد العبء والانتقاص من شخصية المرأة مهما كانت وظيفتها ودورها في المجتمع.

 

 

أسماء نسائية حلقت في سماء الإعلام

وكانت الناشطات والإعلاميات والنساء بشكل عام، حصلن على بصيص أمل لإشراكهن في بناء المجتمع اليمني، في الفترة الانتقالية بعد الثورة الشبابية السلمية في 2011، إلا أن الأزمة الأخيرة أنهت هذا الأمل، وأعادتها إلى الوراء عقوداً من الزمن. وهذا ما يتطلب من جميع النساء استمرارهن بالنضال لنيل حقوقهن المشروعة.

ويجب في هذه المناسبة التذكير بعض اليمنيات اللواتي عملن في المجال الإعلامي، ونوجه لهن كل التقدير، ونتمنى استمرارهن في الدفاع عن قضايا النساء وقضايا الوطن بشكل عام: عبير واكد، سامية الأغبري، أمة الرحمن الغفوري، نادية السقاف، توكل كرمان، نبيلة سعيد، ذكرى الواحدي، سميرة قاضي، إيمان الحنظلي، صباح خليل، رحمة حجيرة، سميرة الخياري، قدرية الجفري، رؤوفة حسن (رحمة الله عليها)، رشيدة القيلي، فردوس العلمي، كفى الهاشلي، ابتهال الصلاحي، ورضية شمشير، وداد البدوي، دعاء نبيل، سلوى صنعاني، ذكرى عباس، خديجة الكاف، أروى طربوش الشرجبي، إفتكار القاضي، غيداء فاروق، فاطمة مطهر، سميرة عبدالله، ليلى الفهيدي، جميلة رجاء، بشرى فقيرة، إخلاص القرشي، أمة العليم السوسوة، مها البريهي، سونيا مريسي، جميلة جميل (رحمها الله)، أمل بلجون، نبيلة حمود، ماهية نجيب، صفية لقمان، أنيسة محمد سعيد، صفية العنسي، فائدة اليوسفي، عائدة الشرجبي، أحلام المتوكل، عهد ياسين، هبة الشيباني، نور سريب، فردوس العلمي، نعمت عيسى، أشجان المقطري، هويدا الفضلي، غيداء الناخبي، أمة الرحمن عارف، رجاء عبدالعزيز، فاطمة الحريبي، وانتصار عمر خالد.

 

تطلعات للمستقبل

ترى نادرة أن الدور الذي يجب أن تقدمه المرأة الصحفية لمجتمعها، هو ذاته الذي يجب أن يقدمه زميلها الصحفي، فالرسالة الصحفية واحدة، دون تمييز بينهما، كلاهما يجب أن تتوفر فيهما شروط المهنة وأبجدياتها، وأن يتمتعا على حد سواء، بأخلاقياتها، وجه الاختلاف، فقط، بنوع القلم وقيمته.

وتؤكد أن ممارسة مهنة الصحافة تقوم على حب المهنة إلى درجة العشق، فلنكن أوفياء للمعشوقة، كما يتطلب توخي الحذر في مناطق النزاعات أو الاقتتال.

بينما ترى سعاد أن الكثير من الإعلاميات اليمنيات فضلن البقاء في المنزل، ليعشن حياة الفقر والعوز، دون التخلي عن مبادئ وأخلاقيات المهنة، فالعمل في بيئة الحرب صعبة، وتكتنفها مخاطر عديدة.

Justice4Yemen#